تحليل لقصيدة اغتراب بقلم الشاعر محمود جمعة

ماهذة التجربةالاغترابية الذاتية الصادقة ..أتخيلك شاعرناالكبير وأنت في أرهاصات ولادة هذة القصيدة ..اتخيل هذا الشعور بالانفصال بذاتك في عالم خاص يختلف عن هذا العالم ..ولكنه عالم من الحبس الانفرادي للنفس ..أخذتنا في مطلع القصيدة لتعبر لنا عن الحالة اولا قبل ان تبدأ في السرد


ألوكُ اغترابي بسجنِ الليالي
وجدرانُ سجني ، وقضبانُ سجني ،
وأسوارُ سجني
أضاءت شموعاً
بلونِ اكتئابي

ما أجمل شموعا بلون أكتئابي ..تعبير جميل مكتئب ولكنه يحسب لك

ولكنك ترسم بمنتهي الرقة والشاعرية بدموعك صورة الام والطفل والحبيبة لتقول لنا كيف هم جزء من ذاتك الكامن خلف الابواب والاسوار

وأسرابِِ دمعٍ هوتْ
خلفَ بابي
لأنقشَ في لوحةِ الأرضِ طيفاً
لأمي ...
لطفلي ...
لعشقٍ تمددَ بين الضلوعِ

ثم تمر بك حالة التأرجح بين اليأس والرجاء فترسم لنا صورة بديعة

فأعدو إلى خيطِ نورٍ تبدى
بأفق الرجاءْ
ويعدو بإثري
ظلامٌ عقورٌ
لينهشَ ومضةَ عودَ الثقابِ

ولان اليأس نهش الومضة الاخيرة لاخر شعاع من ضوء كان من الممكن ان يبعث بعض الامل فقد غاصت بك غربتك الذاتية الي مزيدا من الاغتراب فبدت الصورة قاتمة ولكنها شاعرية

وساعاتُ سُهدي ببطءٍ تسيرُ
لتحفرَ قبري بجرحٍ قديمْ
وقطعانُ دودٍ أحاطت بجسمي من قبل موتي
وراحت تُكبّـلُ بالصمتِ صوتي


ولذا ينتهي بنا وبك المطاف داخل نفس الاسوار اسوار الاغتراب عن هذا العالم .. والنظر الى الامل المفقود في حرية الذات والرجاء في افتتكاكها من براثن العالم المادي السجين

لتمسي كل الأماني رماداً يسابقُ يأسي
بمضمارِ أجواءِ حزني
وتخفتُ أضواءُ نفسي
ويصبحُ يومي كأمسى
لأحيا غريباً .. بسجن الليالي

الشاعر الكبير والاخ الحبيب قصيدة رائعة ..بكل المعاني أحييك عليها وشكر الله لك ما أمتعتنا ..ولو على حساب أغترابك الداخلي

دمت أستاذا للشعر والشعراء
وبكل خير وسعادة